

التوحيد هو أصل الدين وأعظم ما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل،
بينما البدعة هي ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله ورسوله ﷺ.
وقد اهتم الإسلام ببيان التوحيد وحمايته من أي انحراف، كما حذر بشدة من الابتداع في الدين.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25].
وقال النبي ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (رواه البخاري ومسلم).

أولاً: معنى التوحيد وأقسامه
1. تعريف التوحيد
التوحيد هو إفراد الله بالربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
وهو أصل الإسلام، ولا يصح إيمان المسلم إلا به.
2. أقسام التوحيد
توحيد الربوبية: الاعتقاد بأن الله وحده الخالق الرازق المدبر.
قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد:16].
توحيد الألوهية: إفراد الله بالعبادة دون سواه.
قال تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ [النساء:36].
توحيد الأسماء والصفات: الإيمان بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله ﷺ،
من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل. قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:11].
ثانياً: أهمية التوحيد
هو الغاية من خلق الإنس والجن. قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56].
هو مفتاح الجنة. قال النبي ﷺ: «من قال لا إله إلا الله دخل الجنة» (رواه البخاري).
التوحيد يحفظ الأمة من الانحراف العقدي ويجمعها على كلمة واحدة.
ثالثاً: نواقض التوحيد
1. الشرك الأكبر
تعريفه: صرف العبادة لغير الله.
أمثلة: دعاء غير الله، الذبح والنذر للأولياء والقبور، الاستغاثة بالجن.
الدليل: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾ [النساء:48].
2. الشرك الأصغر
مثل: الحلف بغير الله، الرياء في العمل.
قال النبي ﷺ: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء» (رواه أحمد).
رابعاً: مفهوم البدعة
1. تعريف البدعة
البدعة في الدين: هي ما أُحدث في الدين بعد وفاة النبي ﷺ مما لم يشرعه الله.
قال النبي ﷺ: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (رواه أبو داود).
2. خطورة البدعة
البدعة تؤدي إلى الانحراف عن السنة.
كل بدعة تمثل إضافة باطلة للدين، وكأن صاحبها يرى أنه أتى بما هو أفضل من الوحي.
قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:21].
خامساً: أنواع البدع
1. البدع الاعتقادية
مثل الغلو في الصالحين واعتقاد العصمة لغير الأنبياء.
القول بإنكار صفات الله أو تأويلها بما يخالف النصوص.
2. البدع العملية
مثل الذكر الجماعي المخترع على هيئة لم ترد عن النبي ﷺ.
الاحتفال بأيام لم تثبت لها مشروعية كالمولد النبوي.
3. البدع في العبادات
إدخال عبادات لم تشرع أصلاً.
الزيادة أو النقصان في عدد ركعات الصلوات أو كيفية أدائها.
سادساً: الفرق بين السنة والبدعة
السنة: ما ثبت عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير.
البدعة: ما أُحدث بعده ولم يرد به نص.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم".
سابعاً: أثر البدع على الأمة
تفرق الأمة إلى جماعات وطرق مختلفة.
ضياع المعالم الصحيحة للدين.
إشغال الناس بالعبادات المبتدعة عن العبادات المشروعة.
ثامناً: كيف يواجه المسلم البدع؟
طلب العلم الشرعي: لمعرفة السنة الصحيحة.
الرجوع إلى القرآن والسنة بفهم السلف الصالح.
إنكار البدع بالحكمة والموعظة، وعدم السكوت عنها.
نشر التوحيد الصحيح في المجالس والمنتديات ووسائل الإعلام.
تاسعاً: الجمع بين التوحيد ومحاربة البدع
لا يكفي أن يعلن المسلم "لا إله إلا الله"، بل يجب أن يحقق معناها بالعمل،
وأن يبتعد عن كل ما يضادها من الشرك والبدع.
فالتوحيد حماية للدين، والبدعة خطر يهدد نقاء العقيدة.
قال الإمام مالك رحمه الله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة
فقد زعم أن محمداً ﷺ خان الرسالة، لأن الله يقول: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [المائدة:3].
فما لم يكن يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم ديناً.

التوحيد أصل الأصول في الإسلام، والبدعة من أعظم المخاطر على الدين.
وقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية لتوضيح حقيقة التوحيد وبيان خطر الشرك والبدع.
والمسلم الحق هو من يحقق التوحيد في حياته قولاً وعملاً، ويجتنب كل بدعة محدثة،
ملتزماً بقول النبي ﷺ: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي» (رواه الحاكم).
إن حماية العقيدة الإسلامية تكون بالرجوع إلى الوحيين،
ونبذ كل ما خالفهما، لتظل الأمة ثابتة على صراط الله المستقيم.

