كثيرا ما نسمع بعض الحكم والأمثال من تاريخ العرب القديم ولا نفهم معناها ولا كيف حدثت وما قصتها حتى قيلت ... وقد حفظت لنا كتب التاريخ العربي مجموعة من الأمثال تقال عند موقف معين في حياتنا اليومية ولكن الكثير منا لا يعرف السبب الرئيسي في إطلاق هذا المثل على ذاك الموقف، فمن باب الفائدة ارتأيت أن اضع بين أيديكم بعض الأمثال المشهورة.
جئتكم بخُفَي حُنَيْن!
أبخل من مادر
يُروى أن اسم "مادر" الحقيقي هو مُخارق من بني هلال كان معروفا بالبخل، وقد بلغ بخله أنه عندما سقى إبله، بقي في أسفل الحوض ماءٌ قليل، فتغوط فيه ومدر الحوض أي طلاه بالطين العكر بخلاً منه ولئلا ينتفع به من بعده، لذلك سُمي "مادر" مع أن اسمه مخارق، فصار مثلا يضرب عن كل رجل بخيل ممسك، فيقال: "أبخل من مادر".
أبرد من فَلْحَس
فَلْحَس سيدٌ من بني شيبان كان يطلب سَهماً من غَنيمة الجيش إذا غزا وهو ماكث في بيته لم يُباشر معه الغزو فَيُعْطى، ثم يطلب لامرأته سهما فإذا أُعطي طلب أيضاً سهما لبعيره فسار يضرب به المثل في الخمول والقعود مع الطمع.
أبصر من زرقاء اليمامة
هي امرأةٌ من جديس كانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. قيل إنها أنذرت قومها من جيش قادم استتر خلف الأشجار، فقد نظرت فرأت أن "الشجر يسير" نحو قومها، وحذرتهم بعبارات مثل: "يا قوم قد أتتكم الشجر".لكنهم لم يصدقوها وسخروا منها حتى تم القضاء عليهم. فأصبحت قصتها مضرب المثل في شدة البصر والذكاء والفطنة، وبُعد النظر.
أبطش من دَوْسَر
دَوْسَر هي إحدى كتائب النعمان بن المنذر ملك العرب، وكانت أخشن كتائبه وأشد منه بطشاً، سميت دَوْسَر اشتقاقاً من الدَسْر وهو الطعن. ويُستخدم المثل للدلالة على الشدة والصلابة والقوة الهائلة.
أبَّلغ من قُس
هو قُس بن سَاعدة الإيادي يُضرب به المثل في الفصاحة والخطابة كان من حكماء العرب وأول من قال "أما بعد" وأول من قال "البيَّنة على من ادعى واليمين على من أنكر"
أبْلَهُ من الحُبَارى
الحُبَارى طائر يُضرب به المثل في البَلَه والغباوة لأن أُنثاه إذا فارقت بيضها تذهل عنه فتحضن بيض غيرها.
أَتْيَهُ من قوم موسى
التيه بمعنى التحيُّر وعدم الاهتداء ويراد به مكثهم في التيه أربعين سنة. يُستخدم هذا المثل لوصف الشخص الذي يضيع ويتخبط في أموره، ويُشار به إلى فترة بقاء قوم موسى في التيه لمدة أربعين عامًا في الصحراء بعد خروجهم من مصر.
أجْبَن من صافِرٍ
قيل هو طائر يأخذ غصن شجرة برجليه ويتدلى منكوساً ويصفر طول الليل مخافة أن ينام فيُؤخذ. يُضرب المثل للدلاللة عن الشخص المُبالغ في جُبنه وخوفه الشديد من المواجهة.
أجهل من عقرب
لأنها إذا مرت بالصخرة ضربتها بإبرتها فلا تضرها وتضر إبرتها. والمثل يُستخدم لوصف شخص يضر نفسه بجهله أو بتصرفاته الخاطئة. كما يضرب لوصف شخص يقوم بأمر دون فهم أو دراية، مما يؤدي إلى ضرره أو تضييع جهده بلا فائدة تُذكر.
أجوع من كلبة حوْمَل
حوْمَل امرأة من العرب كان لها كلبة تجيعها (لا تعطيها أكلا) نهارًا لتجعلها حذرة ويقظة عند الحراسة ليلاً. كانت تقول للكلبة "التمسي لنفسكِ لا مُلتَمَسَ لكِ"، ومن شدة الجوع، رأت الكلبة القمر مستديرًا في السماء فظنت أنه رغيف خبز ونبحت عليه، قبل أن تأكل ذنبها من شدة الجوع، يضرب المثل للدلالة على وطأة الجوع مع شدته الجوع وقلة الأكل.
أحمق من هَبَنَقة
هو أحد بن قيس بن ثعلبة . من حمقه أنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السمان في العشب وينحي المهازيل . فقيل له : ويحك ما تصنع ؟ قال : لا أفسد ما أصلحه الله ولا أصلح ما أفسده. ومن حمقه أيضا انه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف. فسئل عن ذلك فقال: لأعرف بها نفسي ولئلا أضلّ. فبات ذات ليلة وأخذ أخوه قلادته فتقلدها. فلما أصبح ورأى القلادة في عنق أخيه قال: يا أخي أنت أنا فمن أنا ؟!! .
أشأم من طُوَيْس
كان طُوَيْس يقول : ولدت يوم مات الرسول (صلى الله عليه وسلم). وفطمتني أمي يوم مات أبو بكر (رضي الله عنه). وبلغت الحلم يوم قتل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه). وتزوجت يوم قتل عثمان (رضي الله عنه). وولد لي يوم قتل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه).
أَشْكَرُ من كلب
يرجع أصل المثل إلى قصة رواها محمد بن حرب عن رجلٍ يُدعى العتَّابي، قال: "دخلتُ على العتَّابي بالمخرَّم، فرأيته على حصير، وبين يديه شراب في إناء، وكلبٌ رابِضٌ بالفِناء يشرب كأسا ويُولِغه أخرى، قال: فقلت له: ما أردت بما اخترت؟ فقال: اسمع، إنه يكفّ عني أذاه، ويكفيني أذى سواه، ويشكر قليلي، ويحفظ مَبيتي ومَقيلي، فهو من بين الحيوان خليلي، قال ابن حرب: فتمنيت والله أن أكون كلبا له لأحُوزَ هذا النعت منه. ويُضرب هذا المثل لوصف شخص لا يُظهر تقديرًا أو امتنانًا لمن يُحسن إليه، أو للإشارة إلى صفة الوفاء والامتنان الشديد لدى الكلب.
أعْيَا من باقل
هو رجل من ربيعة بلغ من عيّه أنه اشترى ظبياً بأحد عشر درهماً فمرَّ بقوم فقالوا له: بكم اشتريت الظبي؟ فمد يديه وأخرج لسانه يريد أحد عشر فشرد الظبي وكان تحت إبطه. ومما يذكر عنه أيضا أنه كان ينسى اسمه كل يوم حتى وضعت له أمه قلادة بها اسمه، لكنه لم ينتبه وتُركت القلادة.
أوفى من السموأل
ومن وفائه أن امرؤ القيس بن حجر الكندي لمّا أراد الخروج إلى الروم استودع السموأل دروعاً له. فلما هلك امرؤ القيس غزا ملك من ملوك الشام السموأل فتحصن في حصنه. فأخذ الملك ابناً له خارج الحصن وقال له: إما أن تفرج عن وديعة امرؤ القيس وإما أن اقتل ابنك. فامتنع عن تسليم الوديعة فذبح الملك ابنه وهو ينظر إليه ثم انصرف. وأوفى السموأل بالدروع فدفعها إلى ورثة امرؤ القيس.
اليوم خمرٌ وغداً أمرٌ :
هذا المثل لأمرئ القيس بن حجر الكندي. وكان أبوه قد طرده للشعر والغزل. فذهب إلى أرض اليمن ولم يزل بها حتى قتل بنو أسد أباه. فجاءه الأعور العجلي فأخبره بقتل أبيه. فقال قولته المشهورة التي حفظها الزمان في ذاكرته : "ضيعني أبي صغيراً, وحملني دمه كبيراً, ولا صحو اليوم ولا شرب غداً، اليوم خمرٌ وغداً أمر".
أحلم من فرَخ الطائر
الحِلم الأناة و العقل ... و نسب الحلم إلى فرخ الطائر لأنه يخرج من البيضة على قمة الجبل، ثم لا يتحرك حتى يتم نبات ريشه، و لو تحرك سقط. و يقال أيضا: أحزم من عقاب، ومن فرخ العقاب، و هو المقصود هنا.
أخف من لا على اللسان
الخفة ضد الثقل، لا: حرف نفي، وهي خفيفة على اللسان. فيضرب المثل بذلك في الخفة، وهو يحتمل أن تكون الخفة من جهة اللفظ لقلته وهو ظاهر، أو من جهة المعنى لملاءمة الإنكار للطبع غالبا، وخفة التبري والتنصل على النفس في أكثر الأمور، أو منهما معا.
جاءوا على بكرة أبيهم
أصل هذا المثل أن قوما قُتِلُوا فحملوا على بكرة لأبيهم (البكرة الناقة الفتية)، فقيل فيهم ذلك، ثم صار مثلا للقوم يجيئون معا. وقيل إن البكرة هاهنا هي بكرة الدلو، والمعنى جاءوا بعضهم في إثر بعض، كدوران البكرة على نسق واحد. وقيل: أريد بالبكرة الطريقة، أي: جاءوا على طريقة أبيهم يقتفون أثره، وفي الحديث جاءت هوازن على بكرة أبيها. و قيل هو وصف بالقلة والذلة، أي جاءوا بحيث تكفيهم بكرة واحدة يركبون عليها، وذكر الأب احتقار. والله أعلم.
خلّ سبيل من وَهى سِقاؤه
التخلية عدم التعرض، ووَهَى السِّقَاُء يَهِي وَهْيًا: تمزق. و السقاء: القِربة ووعاء الماء، أي اتركوا من تمزقت قربته أو وعاء مائه.
هذا المثل يعني أن نترك الشخص الذي لا يقدر على المساعدة أو الصداقة، والذي لا يرى فيك ما تستحق، وأن نتخلى عنه كما نتخلى عن سائل انسكب أو تمزق. يضرب هذا المثل لمن يكره صحبتك ويزهد فيك، أو لمن لا تستقيم أموره، أو لمن يرفض رغبتك، فلا داعي للتعب معه.
عاد بخفي حُنَيْن
حُنَيْن إسكافيًا من أهل الحيرة، ساومه أحد الأعراب على شراء خفين، وبعد أن أتعبه بالجدال وأغلظ له في الكلام انصرف دون أن يشتري الخفين، فغضب حُنين، وقرر أن يكيد للأعرابي، فلما ارتحل الأعرابي أسرع حُنين فسبقه في الطريق، وعلق أحد الخفين على شجرة، ثم سار عدة أمتار أخرى وطرح الخف الثاني على طريق الأعرابي، ثم قعد ينتظر متخفيًا. وأتى الأعرابي فرأى الخف المعلق في الشجرة فقال: ما أشبه هذا بخف حُنين، لو كان معه الخف الآخر لأخذته. ثم سار فرأى الخف الآخر مطروحًا على الأرض، فنزل عن ناقته والتقطه، ثم عاد ليأخذ الخف الأول، فخرج حُنين من مخبأه وأخذ الناقة بما عليها وهرب. وأقبل الأعرابي على قومه وليس معه إلا الخُفان، فسألوه: “ما الذي جئت به من سفرك؟” فقال: “جئتكم بخُفَي حُنَيْن!”. فاتخذها العرب مثلا يُضرب عند اليأس من المسعى والرجوع بالخيبة.
أَحَشَفًَا وَسُوْءَ كِيلة؟!
والقصة أن رجلا اشترى تمراً من آخر فأعطاه تمراً رديئاً (حَشَفَاً) ثم أساء له في الكيل والوزن (سوءَ كيلة)، فاستنكر عليه قائلاً: "أَحَشَفًَا وَسُوْءَ كِيلة؟!". وهو مثل يضرب فيمن يجمع بين خصلتين ذميمتين أو يتبع قبيحا بقبيح.
أَحَشَفًَا وَسُوْءَ كِيلة؟!
والقصة أن رجلا اشترى تمراً من آخر فأعطاه تمراً رديئاً (حَشَفَاً) ثم أساء له في الكيل والوزن (سوءَ كيلة)، فاستنكر عليه قائلاً: "أَحَشَفًَا وَسُوْءَ كِيلة؟!". وهو مثل يضرب فيمن يجمع بين خصلتين ذميمتين أو يتبع قبيحا بقبيح.