قصيدة البردة هي أشهر أعمال الإمام شرف الدين البوصيري واسمه الكامل هو أبو عبد الله شرف الدين محمد بن سعيد البوصيري الصنهاجي. كان من عشيرة بني حبنم، وهي فرع رئيسي من قبيلة صنهاجة البربرية في شمال أفريقيا. ذُكر أنه ولد في عام 608 هـ / 1211 م في دلس (بالعربية: دلّس، بالأمازيغية: دلس)، وكانت وقتها بلدة صغيرة على البحر الأبيض المتوسط وتقع حاليا في شمال دولة الجزائر (على بعد 98 كلم شرق العاصمة الجزائرية).
يُقال إنه توفي عام 691 هـ/ 1294 م ودُفن في الإسكندرية بمصر.، وهو شاعر صوفي بارز. وتُعرف أيضًا قصيدة البردة باسم “الكواكب الدرية في مدح خير البرية “، أو “الأنوار السماوية في مدح خير البرية” أو “النجوم المتلألئة في مدح خير البرية”. وعلى الرغم من صعوبة اللغة العربية الفصيحة للقصيدة، فقد قيل إنها أكثر القصائد انتشارًا في العالم الإسلامي.
ويروى أن الإمام البوصيري كان مرة في صحبة الشيخ أبي العباس المرسي والشيخ ابن عطاء الله الإسكندري أو السكندري والشيخ عز الدين بن عبد السلام، ويقال إن الشيخ أبا العباس التفت إلى الشيخ عز الدين بن عبد السلام وأعلمه أنه سيصير من كبار علماء عصره. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الشَّيْخِ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ الإسكندري وَأَخْبَرَهُ أَنَّ اللَّهَ سَيُؤْتِيهِ حِكْمَةً عَظِيمَةً. وأخيرًا التفت الشيخ أبو العباس إلى الإمام البوصيري وأخبره أن الله سيجعل شعره مشهورًا في العالم.
وقد تحققت جميع الفراسات الثلاثة. فقد أصبح الشيخ عز الدين بن عبد السلام مجتهدًا وعالمًا وأصوليًا وفقيهًا ومرجعًا شافعيًا رائدًا في جيله. وأصبحت مؤلفات الشيخ ابن عطاء الله الإسكندري، وخاصة كتابه “الأحكام” مرجعًا في علم التصوف. وأخيراً، تقف قصيدة البردة للإمام البوصيري وحدها كأهم قصيدة في العالم الإسلامي ويكفيه فخرا أنها في مدح خير الورى محمد بن عبد الله صلى اله عليه وسلم.
ومن المثير للاهتمام، أن بردة الإمام البوصيري لم تكن أول قصيدة تحمل لقب قصيدة البردة. إذ يعود هذا الشرف إلى الصحابي كعب بن زهير الأول الذي كتب قصيدة في مدح النبي ﷺ، وتبدأ هذه القصيدة بقوله: (بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ). وعلى الرغم من أن قصيدة البردة لكعب ليست مشهورة كقصيدة الإمام البوصيري، إلا أنهما مرتبطتان ببعضهما البعض وتربطهما أوجه شبه.
كان كعب بن زهير شاعرًا مشهورًا في فترة الجاهلية. وبعد ظهور الإسلام، وبعد أن علم بإسلام أخيه، نظم الشعر الهجائي في أخيه وفي النبي محمد ﷺ. ونتيجة لذلك، واجه عقوبة الإعدام عقابًا له. ولأنه كان فطنًا جدًا، أدرك كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أرحم الناس. كان يعلم أنه إذا طلب العفو من النبي صلى الله عليه وسلم سيحصل عليه.
جاء كعب بن زهير مخفيًا هويته إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستفسرًا عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يغفر النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن زهير الذي كان خجولاً نادمًا تائبا وهو الآن مستعد لإسلامه. فأجابه النبي ﷺ بالإيجاب. عند هذه النقطة، كشف كعب بن زهير عن هويته الحقيقية وأنشد قصيدته في مدح النبي ﷺ. وعند سماع القصيدة، استحسنها الرسول –عليه الصلاة والسلام- وخلع على كعبٍ بردته لتكون وسامًا لكعب على قصيدته التي أصبحت مَعلمًا فأهداها له وكانت عباءة يمانية مباركة، وكانت هذه علامة على أن كعبًا قد غفر له وبرأه النبي ﷺ، وأصبح الآن في حماية النبي ﷺ، في الدنيا والآخرة.
وسميت قصيدة البصيري أيضا بالبردة لأن القصيدة تمثل عباءة تغطي الجسد كله، كما أن القصيدة نفسها تغطي الجوانب الرئيسية في حياة النبي ﷺ وشخصيته ﷺ، كما يطلق عليها أحياناً اسم البردة (البَردة) لأن مرض الإمام البوصيري قد خف نتيجة لتأليف هذه القصيدة. ومن ألقاب البردة أيضاً البردة البردية لأن النبي ﷺ كسا الإمام البوصيري بردته المباركة أثناء حلم الإمام، بينما كان الإمام ينشد القصيدة مباشرة للنبي ﷺ في المنام ...
قصيدة البردة كاملة للشيخ البوصيري وهي أشهر من قصيدة "بردة كعب" رغم تأخرها عنها: