


لم نتطرق للتفضيل بين أبي بكر وعمر من جهة وعلي بن طالب من جهة أخرى -رضي الله عن الثلاثة- لأن الموضوع محسوم فلا خلاف بين أهل السنة والجماعة أن أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر رضي الله عنه، ثم عمر رضي الله عنه، فقد روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، قَالَ: " قُلْتُ لِأَبِي - يعني عليا رضي الله عنه- أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ عُمَرُ".
وقال النووي رحمه الله : " اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ " .
انتهى من " شرح النووي على مسلم "(15/148) .
بعض مناقب كل من علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان رضي الله عنهما:
عثمان بن عفان القُرَشي الأُمَوي، أحد السابقين الأولين، والخلفاء الراشدين، والعشرة المبشرين، أمير المؤمنين، الملقب بذي النورين؛ لكونه تزوَّج ابنتي النبيِّ رقية ثم أم كلثوم رضي الله عنهما، ولا يعرف أحدٌ من الأولين والآخرين تزوج ابنتي نبيٍّ إلا عثمان رضي الله عنه.
عن محمد بن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي: كاشفا عن فخذيه أو -ساقيه فاستأذن-: أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث. ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه،- قال محمد: ولا أقول ذلك: في يوم واحد -فدخل، فتحدث. فلما خرج، قالت عائشة : دخل أبو بكر، فلم تهتش له، ولم تباله. ثم دخل عمر، فلم تهتش له، ولم تباله. ثم دخل عثمان، فجلست، وسويت ثيابك! فقال: "ألا أستحي من رجل، تستحي منه الملائكة؟".
كان عثمان رضي الله عنه من أحسن الناس وجهًا، وأحسنهم أخلاقًا، وكان من أشد الناس حياءً، وكان رحيمًا رقيقًا، متواضعًا، ينام أحيانًا في المسجد وهو خليفة، ويجلس بين الناس كأنه أحدهم، وقد بشَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأخبر بأنه سيكون شهيدًا.
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حِراء هو وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اهْدَأْ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ".
وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يعرف فضل أبي بكر وعمر وعثمان، ويحبهم، وسمى بعض أبنائه بأسمائهم، فله من الولد: أبو بكر بن علي، وعمر بن علي، وعثمان بن علي، وقال علي: "كان عثمان أوصلَنا للرَّحم، وأتقانا للرب عز وجل".
أما سيدنا عليٌّ رضي الله عنه كان ممن يُعلِّم الناس القرآن والسُّنَّة في حياة النبي وبعد موته، وكان يَقضي بين الناس ويُفتيهم، قال سعيد بن المسيب: "ما كان أحدٌ من الناس يقول: سلوني غير علي بن أبي طالب رضي الله عنه".
قال ابن تيمية: "شهد النبي صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه أنه يحب اللهَ ورسولَه، ويحبه اللهُ ورسولُه، وهو من كبار السابقين الأوَّلين من المهاجرين، وممن نصر الله الإسلام بجهاده، وموالاةُ عليٍّ واجبةٌ على كل مؤمن، وكون عليٍّ مولى كلِّ مؤمن هو وصفٌ ثابت لعليٍّ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، وبعد ممات عليٍّ، فعليٌّ اليوم مولى كلِّ مؤمن، وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتًا، ومحبةُ أهل البيت فرضٌ واجبٌ يُؤجَر عليه المسلم".
ثم إنه من الخطأ دعوى العِصمة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كما يعتقد بذلك الرافضة، ودعوى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يَخُصه بشيءٍ من العلم دون غيره من الصحابة، فالنبي بُعِث مُعلِّمًا للناس عامة، وهو رحمة للعالمين، روى مسلم في صحيحه عن أبي الطُّفَيل عامر بن واثِلة قال: كنت عند علي بن أبي طالب فأتاه رجلٌ فقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليك، فغضب عليٌّ وقال: "ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ إليَّ شيئًا يكتمه الناس".
أقوال العلماء رحمهم الله حول التفضيل بين علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان رضي الله عنهم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فَإِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ رَجَّحُوا عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ سُفْيَانُ وَغَيْرُهُ. وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تَوَقَّفَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْهُ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ: كَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. حَتَّى إنَّ هَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِيمَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ هَلْ يُعَدُّ مَنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. وَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السختياني وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالدَّارَقُطْنِي: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ."
انتهى من " مجموع الفتاوى " (4/426) .
وقد استدل من قدم عثمان على عليّ رضي الله عنهما بعدة أدلة، منها:
- روى البخاري (3697) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لاَ نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ".
ورواه أبو داود (4628) ولفظه : "كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيٌّ: "أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ".
ورواه الإمام أحمد في "الفضائل" (857) ولفظه: " كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا : أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يُنْكِرُهُ"
.
وله شاهد بسند جيد عند اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (8/1446) ولفظه: "كُنَّا نَقُولُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ اسْتَوَى النَّاسُ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَا يُنْكِرُ".
وشاهد ثالث عند الطبراني في " الأوسط " (8702) بنحوه .
فهذا الحديث دليل على تقدم عثمان، ولا يقال في مثل ذلك إنه من قول ابن عمر، لأنه في حكم المرفوع، لقوله فيه: "فَيَبْلُغُ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُنْكِرُهُ".
وهذا من السنة التقريرية، وهي كل ما صدر عن صحابي أو أكثر من أقوال أو أفعال علم بها النبي صلى الله عليه وسلم، فسكت عنها ولم ينكرها، أو وافقها وأظهر استحسانه لها .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَفِي الْحَدِيثِ، تَقْدِيمُ عُثْمَانَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَيُقَالُ إِنَّهُ رَجَعَ عَنهُ، وَقَالَ بِهِ ابن خُزَيْمَةَ وَطَائِفَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَقِيلَ لَا يُفَضَّلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ يَحْيَى الْقَطَّانُ، وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابن حَزْمٍ، وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ."
انتهى من " فتح الباري "(7/16) .
- كما استدلوا أيضا بإجماع الصحابة رضي الله عنهم، وأن ما وقع من خلاف بعد ذلك لبعض العلماء فإنه قد انقرض، واستقر إجماع أهل السنة على تقديم عثمان على علي رضي الله عنهما.
فروى البخاري (7207) أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما استشار الناس في عثمان وعلي بعد مقتل عمر رضي الله عنه، خطب الناس وقال: "أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلاَ تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا"، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا يُشَاوِرُ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَيُشَاوِرُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُشَاوِرُ أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ، حَتَّى قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: "إنَّ لِي ثَلَاثًا مَا اغْتَمَضْت بِنَوْمٍ!" فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ لِعُثْمَانَ: "عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إنْ وَلَّيْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ وَلَّيْت عَلِيًّا لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ"، قَالَ: "نَعَمْ". وَقَالَ لِعَلِيٍّ: "عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إنْ وَلَّيْتُك لَتَعْدِلَنَّ، وَلَئِنْ وَلَّيْت عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ"، قَالَ: "نَعَمْ"، فَقَالَ: " إنِّي رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ".
فَبَايَعَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ بَيْعَةَ رِضًى وَاخْتِيَارٍ، مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا، وَلَا رَهْبَةٍ خَوَّفَهُمْ بِهَا. وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ"
انتهى من " الفتاوى الكبرى " (4/445) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "انْعَقَدَ الْإِجْمَاع بِأخرة، بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ تَرْتِيبَهُمْ فِي الْفَضْلِ، كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ"
انتهى من " فتح الباري " (7/34) .
وقال أيضا: "نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ عَليّ"
انتهى من " فتح الباري " (7/17) .
وقال الدارقطني رحمه الله: "عثمانُ بنُ عفَّانَ أفضلُ من عليِّ بنِ أبي طالبٍ، باتِّفاقِ جماعةِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، هذا قولُ أهلِ السنةِ"
انتهى من "سؤالات السلمي للدارقطني" (ص 238) .
وقال ابن تيمية رحمه الله : " اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى: تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ "
انتهى من "العقيدة الواسطية" (ص 117) .
ولكن هذه المسألة من مسائل الخلاف التي لا يبدَّع فيها المخالف، إلا أن ينتقل من هذه المسالة إلى إنكار خلافة عثمان رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ -مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ- لَيْسَتْ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّة، لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ".
انتهى من "العقيدة الواسطية" (ص 118) .
وقال الذهبي رحمه الله: "لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ، وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا بِلاَ شكٍّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا، فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ".
انتهى من " سير أعلام النبلاء " (12/419) .
ختاما أقول مستعينا بالله:
وبعيدا عن المفاضلة بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجب أن نُحسن الظن بهم جميعا، فقد زكَّاهم الله في كتابه في آيات كثيرة، ووعدهم بمغفرة ذنوبهم، ومضاعفة حسناتهم، ولا أحد معصوم من الذنب والخطأ غير الأنبياء، والصحابة بشرٌ يصيبون ويخطئون ويذنبون، وقد وعد الله الذين أنفقوا منهم وجاهدوا بالجنة وإن تأخر إسلامهم إلى بعد فتح مكة، قال الله سبحانه: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [الحديد: 10]، وأمرنا الله أن نستغفر للمؤمنين ذنوبهم وأخطاءهم، لا أن نطعن فيهم ونسبهم، ولا يجوز التعصب لبعضهم على بعض فيما جرى بينهم، قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19]، وبعد أن ذكر الله المهاجرين والأنصار قال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].
